الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

النظرية البوليتكنيكية للمنهج


النظرية البوليتكنيكية أو التطبيقية او نظرية الفنون المتعددة
 Polytechnic Curriculum Theory
الفنون المتعددة = وجوب النظر إلى كل جانب من جوانب المدرسة في ضوء علاقته بالحياة الانتاجية للمجتمع
ماهية النظرية البوليتكنيكية (التطبيقية)
     تعود جذور النظرية البوليتكنيكية أو التطبيقية في المنهج إلى الفكر الماركسي الذي ينسب إلى كل من الفيلسوفين الألمانيين كارل ماركس (1818-1883) و فريدريك إنغلس (1820-1895) والذي تم تبنته روسيا على يد الزعيم السياسي فلاديمير أوليانوف (1870-1924) المعروف بإسم لينين، وهو من أبرز المباديء التي نشأت عليها دولة الاتحاد السوفيتي السابق.
     وأهداف التربية في ضوء هذه الأفكار تتمثل في تزويد التلاميذ بالمعرفة في الفروع الأساسية للإنتاج، وكذلك المباديء العملية التي تعتمد عليها، وتهدف إلى إكسابهم عادة التعامل مع آلات العمل، وتنمية القدرات المنتجة واكتساب حب العمل اليدوي وتقديره، وإمدادهم بخلفية تقنية أو فنية واسعة، وإعطاء الشباب فرصة اختيار العمل المناسب والإبداع في نوعيات العمل التي يتطلبها الإنتاج.(سعادة وإبراهيم،2011، 420-421) و (إبراهيم والكلزة، 2000، 30-31).
     نلاحظ مما سبق أن من أبرز أهداف نظرية المنهج البوليتكنيكية الربط بين المدرسة والعمل المنتج النافع للمجتمع من خلال الربط بين المعرفة النظرية والمعرفة العملية التطبيقية، الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب الأفراد مهارات العمل المنتج من خلال تطبيق ما تعلمه نظرياً داخل المدرسة ومن ثم انخراطهم كل في مجال عمله لخدمة المجتمع وتقدمه ورفعته.
     وقد أثرت طبيعة النظرية البوليتكنيكية في المنهج على طبيعة المدارس والمناهج الدراسية في الاتحاد السوفيتي السابق وبعض الدول التي تبنت هذه النظرية وأقامت نظمها التعليمية وفقاً لها. "ففي الصين على سبيل المثال يعتمد التعلم على الإنتاج، وترتبط النظرية بالتطبيق، هذا بالإضافة إلى عدم اقتصار التعليم على المدرسة فقط بل يتعداه إلى المصانع والمزارع ووحدات الجيش في المناطق المجاورة. إلى جانب ذلك تم تأسيس مصانع ومزارع صغيرة في المدارس الأساسية والثانوية ويُدعى العمال والفلاحون والجنود للتدريس فيها على أساس جزء من الوقت" (سعادة وإبراهيم، 2011، 422-423). وذلك لأن من أبرز أهداف التعليم الأساسي في الصين الربط بين الحجرة الدراسية والعمل المنتج كصورة تطبيقية من مباديء النظرية البوليتكنيكية في المنهج.
أبرز خصائص النظرية البوليتكنيكية
تم فيما سبق عرض عام لماهية وأبرز ملامح نظرية المنهج البوليتكنيكية؛ وفيما يلي نقدم عرضاً تفصيلياً لأبرز خصائص هذه النظرية:
o      تنظر هذه النظرية إلى الكون والمجتمع نظرة مادية بحته لا ثنائية فيها بين الجسم والعقل وأن العقل ما هو إلا شكل من أشكال المادة.
o      تهدف هذه النظرية إلى تزويد التلاميذ بالمعرفة الأساسية للطبيعة والمجتمع والفكر الإنساني.
o      تؤكد هذه النظرية على على الاتجاه الاجتماعي في التربية وتنمية قيمة الفرد من خلال الجماعة لأن مصلحة الفرد تتمثل في مصلحة الجماعة.
o      تشدد هذه النظرية على المباديء العملية الرئيسة لفروع الإنتاج، واستعمال آلات العمل العامة واحترام العمل والسعي إليه لكي يؤدي الفرد دوراً نشيطاً في الإنتاج والتقدم التكنولوجي، ويقبل بأي عمل يوكل إليه.
o      إن العمل المنتج مصدر أساسي للمعرفة، وبذلك تكون المعرفة وظيفة لخدمة الإنتاج، حيث يجب على التلاميذ ممارسة العمل بأنفسهم والمشاركة في العمل المنتج الأمر الذي يؤدي إلى المساعدة في تربية المواطن وجعله عضواً نافعاً في مجتمعه. وهي بذلك ترفض الارتباط الكلاسيكي بين المعرفة البحتة والمعرفة التطبيقية، وتؤكد على ربط التعلم بالعمل المنتج بسبب التغيرات الأساسية في وسائل الإنتاج وتطور العمل.
o      لا تعترف هذه النظرية بالألوهية والأديان.



طبيعة المنهج في النظرية البوليتكنيكية
      إن من مهمات المنهج وفقاً للنظرية البوليتكنيكية هي إعداد أجيال تقدِّس العمل المنتج الذي يجلب الخير والنفع والتقدم للمجتمع.
     ولقد قامت كروبسكايا (1869-1939) زوجة الزعيم الروسي فلاديمير لينين بترجمة آراء وأفكار ماركس وإنغلس و لينين عن التعليم إلى واقع عملي في المنهج التعليمي، كما وضعت عدداً من الأسس التي يجب أن تقوم عليها المناهج البوليتكنيكية، واقترحت عدداً من الصور التي يمكن ممارسة الفنون المتعددة من خلالها كالورش التعليمية بشرط أن تكون هذه الورش مرتبطة بالانتاج الاقتصادي زراعياً وصناعياً للمجتمع. كما اهتمت كروبسكايا بالأنشطة خارج الصف وخارج المدرسة ككل، شرط أن تهدف تلك الأنشطة بتنمية اهتمام الأطفال بالتكنولوجيا، وينظم المنهج بشكل عام وفقاً للنظرية البوليتكنيكية بطريقة تمكن التلاميذ من المشاركة في العمل المنتج والنافع للمجتمع. (سعادة وإبراهيم،2011، 422).
     من خلال هذه المهمات ومن خلال ما سبق عرضه يمكن استنتاج الملامح الرئيسة التي تكون عليها عناصر المنهج وفقاً للنظرية البوليتكنيكية على النحو التالي:
الأهداف
تشتمل الأهداف في النظرية البوليتكنيكية على أهداف معرفية ووجدانية ونفسحركية متعددة، وينعكس الاهتمام بالعمل المنتج والمباديء الماركسية على طبيعة تلك الأهداف على النحو الآتي:
o      تركز الأهداف على ترسيخ المباديء الماركسية اللينينية في النظرة إلى الإنسان والحياة.
o      تركز الأهداف على غرس قيمة وأهمية العمل المنتج.
o      تركز الأهداف على أن يكتسب الطلاب جميع المباديء الأساسية لكل عمليات الإنتاج.
o      يشتمل المنهج على أهداف خاصة بالتربية العقلية والتربية البدنية والتربية العسكرية والتربية المهنية.


المحتوى
محتوى المنهج في هذه النظرية يسعى لتحقيق الإهداف لذلك فهو:
o      يقدَّم بحيث يزود الطلاب بالنظرية والتطبيق لكل فروع عمليات الإنتاج الرئيسة.
o      يقدَّم بحيث تكون الدراسات المهنية هي محور الإهتمام.
o      موحد لجميع الطلاب ويعد من قبل الخبراء.
o      يشجع على اكتساب المعرفة من خلال العمل.
الأنشطة والوسائل التعليمية وطرائق التدريس
تظهر طبيعة هذا العنصر وفقاً للنظرية البوليتكنيكية في النواحي التالية:
o      تقوم على ربط العمل بالعقل وربط العمل باليد و يتضح ذلك في أساليب التعلم بالعمل.
o      يعمل الطلاب بأيديهم لساعات متعددة وتزيد هذه الفترة تدريجياً كلما تقدم الطالب في مراحل التعليم.
o      تتضمن العمل في المحلات والورش والمعامل التي تزود بها المدارس وكذلك في قطع الأراضي والحدائق المخصصة للزراعة.
o      تتضمن الزيارات وكذا العمل للحقول والمزارع والمصانع خارج المدرسة.
o      تركز على العمل الجماعي والمشروعات الجماعية والمسئوليات التضامنية بأنواعها وأشكالها المختلفة.
o      لا تغفل النظرية البوليتكنيكية المعارف والمعلومات النظرية  بل تؤكد على حفظها وتسميعها واكتسابها بطريقة أكبر من خلال العمل.
التقويم
تستخدم جميع أنواع الاختبار في تقدير أعمال الطلاب، وهناك مكانة عالية للواجبات المنزلية في عمليات تقويم تعلم الطلاب. وهناك نظام موحد للمدارس في الاختبارات يطبق بصورة إلزامية على جميع المدارس. (مدكور، 1997، 376-382) و (عطية،2009، 58-59)


الإيجابيات
لاشك أن لهذه النظرية إيجابيات عدة منها:
-       الرفع من قيمة العمل اليدوي.
-       ربط المنهج بالمجتمع وتطوره.
-       إزالة الحواجز بين النظرية والتطبيق من خلال العمل.
-       سهولة تعرف المتعلم على ميوله وقدراته من خلال العمل.
-       مراعاة ميول وقدرات التلاميذ والفروق الفردية فيما بينهم فيما يخدم المجتمع.
-       يقلل من مشكلة التسرب كون المتعلم يتقدم في التعلم وفقاً لقدراته.
-       تستطيع المناهج القائمة على هذه النظرية مواكبة التقدم الصناعي والتكنولوجي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق