الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

النظرية الموسوعية للمنهج


النظرية الموسوعية أو نظرية دوائر المعرفة Encyclopaedism Theory

النظرية الموسوعية أو نظرية دوائر المعرفة Encyclopaedism Theory
ماهية النظرية الموسوعية
     تعتبر النظرية الموسوعية أو نظرية دوائر المعرفة إحدى أقدم نظريات المنهج العامة ومن أكثرها تأثيراً، حيث جاءت متوازية مع حركة التنوير في القارة الأوروبية في وقت كانت فيه أوروبا غارقة في غياهب الجهل والتخلف والتبعية. وتعود جذور النظرية الموسوعية للمنهج Enclopaedic Curriculum Theory إلى فكرة الحكمة أو المعرفة الشاملة التي نادى بها الفيلسوف جون آموس كومينوس (1592-1670) والتي ازدهرت بفضل مقترحات أصحاب دوائر المعرفة في الفلسفة التربوية الفرنسية، وتكشف الحكمة عند كومينوس عن حقيقة وجود أصول المعرفة عند كل إنسان والتي تسمى بالأفكار العامة والرغبات والغرائز، وأعضاء العمل التي قد تسمى بالطاقات، وبناء على هذه الأسس الموجودة لدى الجميع يجب أن تبنى تربية الإنسان و تعليمه. (مدكور، 1997، 326) و (سعادة وإبراهيم،2011، 406).
     وقد نادى أصحاب هذه النظرية بأن كل إنسان يجب أن يتعلم تعلماً كاملاً، ويُشكل تشكيلاً صحيحاً، ويُبنى بناء سليماً، ليس فقط في أمر منفرد من الأمور أو قليل منها بل في جميع الأمور التي تحقق الكمال للطبيعة البشرية، ولهذا فإن الإنسان يجب أن يربى بجميع الأساليب والوسائل لكي يستنير بالمعرفة والحكمة الحقيقية، وبذلك يحصل على التنوير الذي يحرر عقله ويعزز لديه الإيمان القوي بعقله (إبراهيم والكلزة، 2000، 22)، وهي بذلك تدعو لأن يكون الجميع مستنيرين بمعنى أن يدركوا منطق الأشياء والأفكار والكلمات، وأن يفهموا الأهداف والوسائل وكيفية تنفيذ الأعمال أو القيام بها، وأن يكونوا قادرين على التمييز بين الأصلي والأساسي وبين ماهو غير ذلك، وبين المهم وغير المهم، وبين الأعمال التي تنحرف عن الهدف، ومن تلك التي تصيب الهدف، وبذلك يمكنهم ملاحظة استطراد الفكر والكلمات والأعمال التي تخصهم وتخص الآخرين في كل الأماكن وكل الأزمنة. (سعادة وإبراهيم، 2011، 407).
     ويعتقد الموسوعيون أن الإنسان قادر على إصلاح شؤون حياته إذا ما استخدم عقله استخداماً صحيحاً، وعلى هذا الأساس فإنهم يرون أن نشر المعرفة، وتطوير العقل البشري أمران ضروريان لتقدم البشرية جمعاء (عطية، 2009، 50)، وهذا ما أكد عليه الفيلسوف نيكولاس دي كوندرسيه (1743-1794) أحد أبرز من شاركوا في صياغة هذه النظرية، والذي أكد بأن الإنسان يمكنه أن يكون آمناً إذا ما تحرر من أغلال الخرافات والجهل، كما قرر أنه سيأتي الوقت الذي تشرق فيه الشمس فوق الأحرار "الذين لا يعرفون لهم سيداً آخر غير العقل"، ونادى كوندرسيه بأن المعرفة ضرورية للمجتمع الديمقراطي لأن الجهل يعرض الحريات والمساواة بين الناس للخطر كما يؤدي إلى التحكم والاستبداد، لذا فعلى المؤسسات التربوية أن تتجه فقط إلى الحقيقة فالتربية تتضمن التعليم والتعليم يتضمن المعرفة والمعرفة هي الحقيقة. (إبراهيم والكلزة، 2000، 23) و(سعادة وإبراهيم، 2011، 407).
     وبناءً على ما سبق يرى الباحث بأن النظرية الموسوعية تركز تركيزاً كبيراً على المعرفة وأنها الهدف الرئيس،  وتعتمد تزويد الفرد بأكبر قدر ممكن من المعلومات والمعارف ليحرر عقله، وهذا يقودنا لذكر أبرز ملامح وخصائص هذه النظرية في الفقرة التالية.
أبرز ملامح وخصائص النظرية الموسوعية
سبق الإشارة في المقدمة لبعض الخصائص العامة لهذه النظرية ونشير هنا إلى أبرز تلك الخصائص بشيء من التفصيل على النحو التالي:
o      هذه النظرية متحيزة للعقل من دون الجوانب الأخرى، وقد قدمته على الدين كرد فعل لتسلط الكنيسة في تلك الحقبة من الزمن.
o      إن كل إنسان يجب أن يتعلم تعلماً كاملاً ويبنى بناءً متكاملاً في جميع الوجوه لكي تكتمل طبيعته الإنسانية.
o      يجب أن يربى الإنسان بجميع الأساليب والوسائل لكي يستنير بالمعرفة والحكم والحقيقة، لأن العقل الإنساني قادر بقوته الذاتية وبدون تدخل من قوى ومصادر أخرى على استيعاب نظام العالم.
o      إن مهمة التربية الوصول إلى معرفة الحقيقة والمعرفة هي الحقيقة وهي الخير الأسمى.
o      أن تساعد التربية كل إنسان على الخروج من ظلمات الجهل لكي يعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم.
o      يتم التدريب العقلي والتفكير المنطقي والاستنتاج وتنمية قوى الفهم عن طريق المعارف والمعلومات.
o      انتقاء الخبرات التعليمية التي تؤدي إلى نضج العقل، والتحكم بالنفس واحترام الآخرين والعلاقات الاجتماعية.
o      اكتساب المعرفة من أجل المعرفة ذاتها والانتفاع بها واعتبار العقل مخزناً يجب أن يُملأ بالحقائق. (المكاوي، 2000، 33-34) و (عطية، 2009، 51-52).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق